هكذا تبدو التحيزات الذهنية من الداخل

كتابة: Daniel Böttger - النشر بتاريخ 28 يوليو 2022

ترجمة: إيمان وجيه - بتاريخ 28.12.2023


بناءً على التدوينة المنشورة مؤخرًا في SSC بعنوان لماذا يظن الأطباء أنهم الأفضل...

هكذا يبدو الأمر لي

هكذا أرى الآخرين الذين يشعرون بالأمر نفسه

هناك جدال قائم حول هذا الموضوع، ولكن لا فائدة منه لأن الجانب الذي أؤيده من الواضح كونه على حق

لقد انحازوا إلى جانب ما في مناقشة لم تُحسم بعد، وانحيازهم هذا لسبب وجيه يكافحون من أجل فهمه

عكفت على دراسة هذا الأمر بعناية

إنهم يبحثون عن الأدلة المؤيدة لآرائهم على وجه التفضيل

الحجج التي تؤيد مواقفي منطقية جدًا، تكاد تكون مملة من شدة منطقيتها

إنهم على استعداد تام لقبول أيّ حججٍ تدعم مواقفهم

الحجج التي تدعم آراء الجانب المعارض متناقضة، أو سطحية، أو غير منطقية، أو أنها مدحوضة مسبقًا

إنهم يرفضون الحجج التي يقدمها الطرف المعارض في أول فرصة ممكنة

يصدق المعارضون هذه الحجج في الغالب لأنهم غير مطلعين، أو لم يفكروا فيها كفاية، أو ضللهم أشخاص لديهم دوافع سيئة

إن منظورهم الخاطئ للطرف الآخر يجعلهم في حيرة من أمر من يعارضهم. وتقودهم حيرتهم هذه إلى وضع افتراضات قوية أشبه بنظريات المؤامرة

المصطلح العلمي لعدم التوافق هذا يُعرف بعبارة: التحيز التوكيدي Confirmation Bias

هكذا أرى الآخرين الذين يشعرون بالأمر نفسه

هكذا يبدو الأمر لي

إنهم يهملون عملاءهم/أصدقاءهم/ من هم على علاقة عاطفية غير ناجحة معهم، أو هجروهم، لذلك يبالغون في تقدير كونهم أشخاصًا أفضل مما هم عليه 

يحبني عملائي/أصدقائي/ من أنا على علاقة عاطفية معهم، لذلك فهم يرون أني شخص صالح، ولذلك قد أكون شخصًا صالحًا في العموم 

إنهم لا يرون الأشخاص الراضين بما لديهم من علاقات وبالتالي لن يصبح هؤلاء الأشخاص عملاءهم/أصدقاءهم/ على علاقة عاطفية معهم أبدًا

عندما تتغير معاملة عملائي/أصدقائي/ من أنا على علاقة عاطفية معهم، فإنهم يُبدون شكوكهم المريعة عن الأشخاص الذين سأستبدلهم بهم، لذلك أنا  أفضل من هؤلاء الأشخاص

المصطلح العلمي لعدم التوافق هذا يُعرف بعبارة: تحيز الاختيار Selection Bias

هكذا أرى الآخرين الذين يشعرون بالأمر نفسه

هكذا يبدو الأمر لي

رغم كونهم أذكياء وودودين إلا أنه من الصعب فهمهم

رغم كوني ذكيًّا وودودًا، إلا أن الناس لا يستمعون إلى آرائي

إنهم يفشلون في توصيل معرفتهم  بموضوع ما للآخرين، أو تقديم أدلة واضحة إن كانت لديهم

لدي فهم عميق بهذه القضية لدرجة شعوري بأن الناس أغبياء جدًّا أو غير مهتمين لأشارك معهم هذه المعرفة

يؤثر سوء التواصل على جميع جوانب حياتهم، ولكن في الجوانب غير المهمة فإنهم لا يفهمون حتى أن الآخرين لا يفهمونهم

يؤثر عدم استماع الناس لي على جوانب عديدة في حياتي، ولكنه يتعارض بشكل خاص مع الموضوعات التي تهمني جدًا

المصطلح العلمي لعدم التوافق هذا يُعرف بعبارة: وهم الشفافية Illusion of Transparency 

هكذا يبدو الأمر لي

هكذا أرى الآخرين الذين يشعرون بالأمر نفسه

عرفت آنذاك أن الأمور لن تجري كما خُطط لها

لم يتوقعوا ما حدث

كانت خطة سيئة وكان يجب علينا معرفة ذلك

إنهم لا يقدِّرون مدى صعوبة التنبؤ، لذلك يبدو الخطأ أكثر وضوحًا بالنسبة لهم مما كان عليه من قبل

كنت أعرف أن الخطة سيئة، ولكني لم أفصح عن ذلك لأسباب وجيهة (على سبيل المثال، من دافع الكياسة أو ثقتي الزائدة في الأشخاص الذين وضعوا الخطة السيئة) أو لأن ذلك ليس من مسؤولياتي أو لأن لا أحد يستمع إلى آرائي على أي حال

إنهم يختلقون الأعذار لتجنب اللوم على الأخطاء الواضحة ظاهريًا التي ارتكبوها 

المصطلح العلمي لعدم التوافق هذا يُعرف بعبارة: تحيز فوات الأوان Hindsight Bias

هكذا يبدو الأمر لي

هكذا أرى الآخرين الذين يشعرون بالأمر نفسه

لدي حدس جيد: فحتى القرارات التي أتخذها بناءً على معلومات غير كافية غالبًا ما يتبين أنها صحيحة

إنهم عادةً ما يتذكرون نجاحاتهم وينسون فشلهم، مما يؤدي إلى شعور مبالغ فيه بالنجاح في الماضي

أعلم منذ البداية كيف سيسير مشروعٌ  ما أو مدى توافقي مع أشخاص معينين

يضعون تنبؤات تحقق نفسها بنفسها، وتؤثر تلك النبؤات على مقدار الجهد الذي يبذلونه في مشروع ما أو علاقة ما

أتخذ قرارات ناجحة بمستوى استثنائي مقارنةً بالآخرين 

إنهم يقيمون قرارات الآخرين بتوازن أعلى من قراراتهم الخاصة

لذلك أشعر براحة في الاعتماد على نجاح قراراتي السريعة

إنهم يبالغون في تقدير نوعية قراراتهم

هذا ينطبق أكثر على القرارات الحياتية المهمة جدًّا

نعم، ينطبق هذا أكثر على القرارات الحياتية المهمة جدًا بالنسبة لهم 

المصطلح العلمي لعدم التوافق هذا يُعرف بعبارة: تحيز التفاؤل Optimism Bias


لماذا تُعتبر هذه المقارنات أفضل من الطريقة التي نتحدث بها عادةً عن التحيزات

التواصل بالأفكار المجردة أمر صعب جدًا (طالع: وهم الشفافية: لماذا لا يفهمك أحد) ولهذا السبب عادةً ما يفشل. (طالع: المفسرون يصوّبون عاليًا. والهدف منخفض) حيث تصعب حتى ملاحظة فشل التواصل. (طالع: الوهم المزدوج للشفافية) لذلك قد يكون تقدير مدى نجاح التواصل في الأمور المجردة أمرًا شاقًّا.

وقد لاحظ العقلانويّون (Rationalists) هذه الصعوبة. (مثال) يستخدم سكوت ألكساندر الكثير من الأمثلة الواقعية وهذا سببٌ رئيس لكونه أفضل محاور لدينا. يعود نجاح كتابات إليزار التسلسلية إلى استخدامه الأمثلة وحتى الخيال للتوضيح. ولكن حين يتحدث الآخرون منا عن العقلانية فإننا نتحدث عنها بتجريد في الأغلب.

على سبيل المثال، أشاد الكثيرون بهذا الفيديو الأخير لسهولة الوصول إليه مقارنةً بغيره. وبينما يقدم الفيديو بعضًا من الأساليب الصحيحة، مثل التأكيد والتكرار على أن الدليل وحده لا ينبغى أن يكون السبب الوحيد لتوليد الاحتمالات، بل هو فقط لتحديث الاحتمالات السابقة. لكنه مع ذلك لا يزال يقضي أكثر من نصف وقته في عرض الرموز الرياضية التي لا يستطيع قراءتها سوى 3% من الأفراد. وبالنسبة لغالبية الناس، فإن الأمثلة التي يستخدمها هي التي تساعد على الفهم. ومع ذلك، لا يستخدم الفيديو مثاله الوحيد سوى للوصول إلى التفسير المجرد.

وهذا أمرٌ خاطئ. أؤمن أن مقطع فيديو يحتوي على ثلاث إلى خمس أمثلة قوية حول كيفية تطبيق مبرهنة بايز، بحيث تكون مضحكة أو مثيرة، من شأنها ترك انطباع دائم عند معظم الناس.

أسلوبنا الشاق للغاية في التواصل يتنبأ بشكل صحيح بأن مدوني منصة «أقل خطأ - LessWrong» أكثر ذكاءً في المتوسط وأكثر دراسة لمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وأصغر سنًّا بكثير من عامَّة  الناس. وهذا الأسلوب كفيل لجعلك فريسة للكثير من الآراء والمعتقدات المضللة. وهذا يجعلنا أفرادًا غير متجانسين. وهذا على الأرجح جزء من أسباب تكتل مجتمع  مدوني منصة «أقل خطأ - LessWrong»، وهو أمر مُرضٍ عاطفيًّا، لكنه يخلف وراءه معظم الأشخاص في العالم فريسة لقراراتهم السيئة. بينما نحن بحاجة شديدة إلى رفع مستويات العقلانية، فلا يمكننا تحقيق ذلك من خلال الاستمرار في التواصل المكثف من خلال الأمثلة المجردة.

توضح الجداول أعلاه طريقة واحدة من الطرق للقيام بعمل أفضل والتي تؤدي إلى التالي:

  • طرح أهداف بسيطة - مجرد مساعدة الناس على ملاحظة العيوب في أسلوب تفكيرهم. والتي لن تؤدي بأي طريقة إلى أن يتمكن القراء من كتابة أوراق علمية حول موضوع ما. 
  • التقليل من انحيازات عدم التطابق عن طريق عرضها بأسلوب «ما أشعر به، وما يشعر به الآخرون». ويسرد ملاحظات كلا الطرفين ويقارن بينهما. 
  • كُتبت تلك الملاحظات بطريقة تأمل أن تكون عامة بما فيه الكفاية ليجد معظم الأشخاص أنها تتوافق مع تجاربهم الخاصة.
  • تثق تلك الملاحظات في قدرة القراء على  استنتاج فهمهم الخاص لظاهرةٍ ما من خلال الملاحظات المتقابلة. في النهاية، فإنَّ استخدام التعميم بدلًا من التفاصيل أسهل بكثير من دمج التعميمات وتطبيقها على التفاصيل. إن الفهم المكتسب من خلال تلك الطريق سيكون غير دقيق، لكنه الطريقة الأمثل للوصول إلى عقل القارئ. 
  • تكاد تكون خالية تقريبًا من المصطلحات المتخصصة. حيث لا تذكر سوى أسماء الانحيازات للقلة القليلة من القراء الذين يرغبون في قراءة المزيد عنها. 


ما آراؤكم حول ما يناقشه المقال؟ هل يجب علينا التواصل باستخدام الأمثلة الملموسة؟ إذا كان الأمر كذلك، فهل يجب أن نستمر بهذه الطريقة أم أنَّكم ستستخدمون طريقة مختلفة؟

هل ترغبون في تصحيح هذه الجداول؟ هل ترغبون في اقتراح المزيد من الملاحظات المماثلة أو التحيزات الأخرى؟

شكرًا لسايمون وminiBill وآخرين لمساعدتهم في صياغة هذا المنشور.

رابط المقالة المترجمة

التعليقات