إطار تفكير للمقارنة بين المشكلات العالمية من حيث الأثر المُتَوَقَّع

كاتب المقالة: Robert Wiblin - نُشرت في 16 أبريل 2016

ترجمة: محمد هانئ حلمي ثريا - بتاريخ 17-12-2023


فلنفرض أنك تحاول معرفة ما إذا كان عليك أن تتعلم عن الصحة في البلدان النامية؛ أم أن تصبح باحثًا في الطاقة الشمسية؛ أم أن تشن حملة من أجل إصلاح منظومة العدالة الجنائية في الولايات المتحدة الأمريكية. أيُّ هذه المجالات يكون التركيز عليها أكثر فعالية؟

سنةٌ من العمل على بعض المشكلات قد تساعد عددًا أكبر من الناس مقارنةً بسنةٍ من العمل على مشكلات أخرى. في الواقع، إن تحليلنا يشير إلى أن مجالات المشكلات التي تختار العمل عليها هو العامل الأكبر في تحديد الأثر المجتمعي الذي ستحدثه في مسارك المهني.

كثيرًا ما نستخدم إطار تفكير غير رسمي للمقارنة بين المشكلات من حيث مدى الأثر الإيجابي الذي يمكن لفرد إضافي إحداثه: وهو النطاق، ومدى الإهمال، والقابلية للحل، والملاءمة الشخصية. هنا تجد مقدمة شائعة لإطار التفكير الذي نتحدث عنه.

إن تطبيق النسخة غير الرسمية من إطار التفكير أمر مفيد، وهو كافٍ في العديد من المواقف، ولكنه قد يؤدي إلى بعض المشكلات مثل العد المزدوج. في هذه المقالة، سنعرض نموذجًا كميًَّا وأكثر دقة من الإطار، وسنقدم المزيد من التفاصيل عن كيفية تطبيق مقارناتك الشخصية بين المجالات.

أُنشئ هذا الإطار للمرة الأولى من قِبَل مؤسسة Open Philanthropy. وقد أجرينا المزيد من التطوير لهذه العملية بالتعاون مع أعضاء Future of Humanity Institute، وهو فريق بحثي في جامعة أوكسفورد يقدم المشورة إلى صانعي السياسات ومتخذي القرار الكبار عن كيفيَّة ترتيب أولويات المشكلات العالمية (تعرف على المزيد عن أبحاث الأولويات العالمية).

إن هذا الإطار لهو مجرد أداة واحدة نستخدمها لمقارنة المشكلات العالمية المختلفة، وينطوي على عدد من نقاط الضعف. وسنناقش بعض الميزات والعيوب لهذه المقاربة بالنسبة إلى المقاربات الكيفية وتحليل فعالية التكلفة في نهاية المقالة. وهنا عملية أكثر شمولًا يمكنك استخدامها لمقارنة القضايا العالمية. إذا ما كنت منسِّقًا في مجتمع محلي ما فإن هنالك المزيد من العوامل التي عليك أخذها في الحسبان.

إذا أردت أن ترى إطار التفكير قيد التنفيذ، فهنا تجد قائمة مرتَّبة بدءًا من عام 2017.

كُتب معظم هذه المقالة في 2017. وقد أضفنا بعض التحديثات السريعة في أكتوبر 2019 لمعالجة وتحديث بعض النقاط الأساسية، بالرغم من أنها لا تشمل كافة آرائنا عن هذه القضية.


مقدمة لكيفية تعريفنا للعوامل

في نهاية المطاف، ما نريد معرفته هو «الخير المُنجَز» الذي يُتوقَّع تحقيقه لكل وحدة من الموارد المستثمرة في المشكلة. يمكن أن تكون وحدة الموارد سنة من العمل أو دولارًا من التبرعات، أو أي مقياس آخر.

من الصعب تقدير ذلك بمفرده، لذا نحتاج إلى تقسيمه إلى عناصر يمكننا تقديرها على نحو منفرد.

في مقالتنا التقديمية، عرضنا تفكيكًا تقريبيًّا لبعض العوامل الكيفية. وهنا توجد نسخة أخرى، أكثر دقة، وكمية، لنفس التفكيك:

من الأسباب الجيدة لتفكيك العوال بهذه الطريقة هي أننا إذا ما قمنا بضرب هذه البنود الثلاثة معًا، فسنعود إلى ’الخير المُنجَز’ / ’زيادة أو وحدة مالية $’ مخصص للمشكلة:

الآن، ها نحن قد قسمنا «الخير المُنجَز لكل دولار» إلى ثلاث عناصر لكل منها تعريف كمي. ما هي هذه العناصر، وبكل بساطة؟

  • النطاق - إذا ما حللنا المشكلة، ما مدى تحسن الوضع؟
  • القابلية للحل - إذا ما ضاعفنا الموارد المخصصة لحل تلك المشكلة، فما الجزء الذي نتوقع حله من المشكلة؟
  • مدى الإهمال - ما مقدار الموارد المخصصة بالفعل لحل هذه المشكلة؟

أخيرًا، إن كنت تحاول معرفة المشكلة التي عليك العمل عليها بنفسك، فيمكنك إضافة نقاط إضافية للمشكلات التي تجد نفسك أكثر ملاءمة للعمل عليها، وهو ما سنشرحه بمزيد من التفصيل لاحقًا.

أدناه سنناقش كيفية تقييم كل منها تباعًا، ولكن قبل ذلك لدينا عدة ملحوظات أخرى عن كيفية إعداد التحليل.

تعريف المشكلة بعناية

قبل أن تمضي قدمًا في إجراء تقييمك، تأكد من أن لديك وصفًا واضحًا لنطاق المشكلات التي تريد مقارنتها. سيساعدك ذلك على أن تكون متسقًا عند وضع الدرجات (scoring) اكل عامل. على سبيل المثال، إذا كنا نُقيِّم «الصحة العالمية» فسنحتاج إلى أن نكون واضحين بشأن:

  • ما الأمراض المُتضمَّنة؟ (كمثال: السل، وفيروس العوز المناعي البشري، والملاريا، وما إلى ذلك).
  • ما البلدان التي نأخذها بعين الاعتبار؟ (أهي البلدان الأكثر فقرًا فقط، أم أيضًا البلدان متوسطة الدخل؟)

ستكون إحدى العقبات لأي إطار تفكير من هذا النوع هي أن المشكلات «محدودة النطاق» المُختارة بعناية تكون أفضل أداءً من تلك المُعرَّفة على نطاق واسع. على سبيل المثال، ستبدو «مكافحة الملاريا» أكثر ضرورةً من «الصحة العالمية» لأن الملاريا بوجه خاص مشكلة صحية واعدة عند العمل عليها. وبالمثل، فإن تحسين الوضع الصحي في كينيا سيبدو أكثر إبهارًا من تحسين الوضع الصحي في كوستا ريكا. ولا حرج في هذه النتائج - ولكنها من الممكن أن تقود إلى انطباع خاطئ إذا ما قورنت مشكلة مُعرَّفة على نطاق واسع بواحدة مُعرَّفة على نطاق محدود. إذا كان أحدهم متحمسًا فقد يجعل مشكلةً ما تبدو أكثر أو أقل إلحاحًا من خلال تعريفها بصيغة مختلفة - وهذا من الأمور التي ينبغي الوعي بها عندما تفسر تلك الدرجات (scores).

إنشاء مقياس (لوغاريتمي)

إذا حاولت أن تقارن مجالات مختلفة باستخدام تلك النقاط، فستجد أنها تتباين بدرجة كبيرة. مثلًا، بينما يُصرف 300 مليار دولار على الصحة العالمية سنويًا، فإن ما يُصرَف لمحاولة مواجهة إنتاج الحيوانات صناعيًّا يقل عن 100 مليون دولار. إذن، يعد إنتاج الحيوانات صناعيًّا مهمَلًا بأكثر من 1,000 ضعف مقارنة بالصحة العالمية.

هذا يعني أن الأنسب هو استخدام «مقياس لوغاريتمي» لتقييم كل عنصر. الطريقة التي نفعل بها ذلك هي أن كل نقطتين نضيفهما إلى مشكلة تعني أنها أكثر فعالية بعشرة أضعاف. مثلًا، إذا أعطينا مشكلة ما 4 نقاط إهمال وأعطينا أخرى 6، فإننا نعني أن الثانية تُهمل بمعدل عشرة أضعاف الأولى.

هذا المقياس مماثل لمقياس ريختر المستخدم في قياس الزلازل. فإن زلزالًا مقداره 8 ريختر يكون في الواقع أقوى بعشر مرات من زلزال مقداره 7 ريختر.

إن استخدام المقياس اللوغاريتمي لكل جزء يعني أيضًا أنه بدلًا من ضرب قيم كل من النطاق، والقابلية للحل، ومدى الإهمال من أجل الحصول على تقديرنا الإجمالي لفعالية التكلفة، يمكننا ببساطة إضافتها معًا. (كما قد يتذكر الميالون منكم للحسابات الكمية من المدرسة الثانوية، فإن السبب في ذلك هو أن لو(س×ص) = لو(س) + لو(ص).)

لتسهيل قراءة الدرجات، نضعها كلها على مقياس من 0 إلى 16. وللمقارنات بين المشكلات من حيث فعالية التكلفة، فإننا سننظر ببساطة إلى الفرق في الدرجة بينها.

كيفية تقييم النطاق

تعريف

إذا ما حللنا هذه المشكلة، فما مقدار التحسن الذي سيطرأ على العالم؟

على سبيل المثال، السرطان مشكلة أكبر من الملاريا لأنه مسؤول عن 8% من كل حالات المرض في جميع أنحاء العالم (تقاس من خلال عدد السنوات المصححة بجودة الحياة QALY المفقودة)، بينما الملاريا مسؤولة عن 2.7% من حالات المرض في العالم1. إذا ما تخلصنا من مرض السرطان كليًّا، فهذا سيقلص من حالات المرض بدرجة أكبر كثيرًا مما لو تخلصنا من كل الملاريا.

إحدى الطرق هي قياس نطاق مشكلةٍ ما من حيث تأثيرها على العافية (wellbeing)، لأن هذا من الأشياء التي يهتم بها غالبية الناس، ولدينا أدوات تمكننا من المقارنة بين أنواع النفع المختلفة. (بالرغم من أننا لا نزعم أن العافية هي كل ما يهم - اقرأ المزيد عن التعريف).

هذا يعني أن النطاق يمكن زيادته من خلال إما (1) التأثير على عدد أكبر من الناس (2) التأثير على نفس العدد من الناس على نحو أكبر، ويتضمن ذلك كلًّا من الآثار قصيرة الأجل والآثار طويلة الأجل. نحن نستخدم مفهومًا واسعًا للعافية، لذا فإن التأثير قد يحسن من العديد من جوانب حياة الفرد، بما في ذلك: السعادة، والصحة، والشعور بالمعنى، والعلاقات الإيجابية، وما إلى ذلك.

من الناحية العملية، فإننا نتبنى منظور بُعد الأمدية (longtermism)، لذلك فبالنسبة إلينا، تقييم النطاق يعتمد في النهاية على تحديد القضايا التي لها الأهمية الكبرى للأجيال القادمة.

إذا كنت تحمل قيمًا تختلف عنا، فيمكنك استخدام إطار التفكير بتعريف مختلف للنطاق.

قد يكون من المفيد أيضًا أخذ الجوانب الوسيلية بالاعتبار وإضافتها عند تقييم النطاق، مثل الحصول على معلومات حول القضايا الأكثر أهمية، أو بناء حراك حول مجموعة من القضايا. وفي الحالات المثلى، يمكن للمرئ أن يرصد الفوائد غير المباشرة من التقدم في هذه المشكلة وتبعاتها على مشكلات أخرى. كما يمكن لاعتبارات التنسيق والتعاون، التي سنغطيها بإيجاز لاحقًا، أن تغير كيفية تقييم النطاق أيضًا.

لاحظ أننا أيضًا عرّفنا النطاق باعتباره الخير المنجَز من خلال حل المشكلة ككل؛ ومع ذلك، يمكنك أيضًا أن تجري التحليل مع حل 10% من المشكلة، طالما أنك تقوم بذلك على نحو متسق مع العوامل الأخرى أيضًا.


كيف نقيم النطاق؟

أحيانًا ما يكون من الممكن إجراء مقارنات كمية دقيقة نسبيًا للنطاق، كما في حالة السرطان في مقابل الملاريا أعلاه.

ومع ذلك، ففي كثيرٍ من الأحيان يختلف الأمر. وينطبق هذا بشكل خاص عندما تحاول أن تأخذ في الاعتبار التأثيرات طويلة المدى وغير المباشرة لحل مشكلة ما. فلنفترض أنك حققت تقدمًا كبيرًا في الفيزياء - كم عدد الأشخاص الذين سيتأثرون في النهاية؟ من الصعب البت في ذلك، ولكن لا ينبغي علينا أن نستنتج من ذلك أن التقدم في الفيزياء أمر غير مهم.

لإجراء مقارنات أوسع نطاقًا بين المشكلات، تحتاج إلى اللجوء إلى «مقاييس» تخص النطاق. وهي طرق أكثر قابلية للقياس لمقارنة النطاق نأمل أن ترتبط بأثر مجتمعي بعيد المدى.

على سبيل المثال، كثيرًا ما يستخدم علماء الاقتصاد نمو الناتج المحلي الإجمالي GDP كمقياس مناسب للتقدم الاقتصادي (على الرغم من وجود الكثير من نقاط الضعف فيه). لقد زعم نيك بوستروم (Nick Bostrom) أن المقياس الرئيس للرفاهية (welfare) على المدى البعيد يجب أن يكون مدى احتمالية أن يزيد إجراء ما أو يقلل من خطر انتهاء الحضارة - وهو ما أسماه بالخطر الوجودي.

فيما يلي مجموعة واحدة من المقاييس (في الصف العلوي)، والتي نقيمها بالنموذج التالي:

إذا حللنا هذه المشكلة سوف تساوي

الانخفاض في خطر الانقراض (أو الزيادة في القيمة المتوقعة للمستقبل)

رفع الناتج الاقتصادي العالمي بما يتناسب مع هذا المقدار سنويًّا

زيادة الدخل بين أفقر ملياري شخص في العالم

ادخار هذا العدد من سنوات الحياة الصحية كل عام

مثال توضيحي

16

10%

القضاء على خطر كل من الحرب النووية والجائحات

14

1%

100 ترليون دولار

3 ترليون دولار

1 مليار QLAYs*

القضاء على الفقر الحاد

12

0.1%

10 ترليون دولار

300 مليار دولار

100 مليون QLAYs

شفاء السرطان

10

0.01%

1 ترليون دولار

30 مليار دولار

10 مليون QLAYs

زيادة المعونات بمقدار الثلث وإنفاقها على المساعدات المالية

8

0.001%

100 مليار دولار

3 مليار دولار

1 مليون QLAYs

إزالة القيود المفروضة على استخدام الأراضي في المدن الأمريكية الكبرى

6

0.0001%

10 مليار دولار

300 مليون دولار

100000 QLAYs

إزالة 5 دقائق في اليوم من الروتين غير الضروري للمدرسين في الولايات المتحدة

4

0.00001%

1 مليار دولار

30 مليون دولار

10000 QLAYs

تحديد جميع الكويكبات الخطرة

2

0.000001%

100 مليون دولار

3 مليون دولار

1000 QLAYs

تحويل 10,000 شخص إلى نباتيين

0

0.0000001%

10 مليون دولار

300 ألف دولار

100 QLAYs

إنقاذ 3 أرواح

* مقياس QLAY: عدد السنوات المصححة بجودة الحياة، وهو مقياس عبء المرض، متضمنًا جودة وكمية الحياة المعاشة.

تكون هذه العملية أقوى عندما تقارن المشكلات التي تتبع نفس المقياس، على سبيل المثال: مقارنة عدد من المشكلات من حيث تحسينها للصحة. إن المفاضلات العابرة للأعمدة غير يقينية على نحو كبير للغاية، وهي موضوع ينشط البحث فيه من قبل مجموعات مثل معهد مستقبل الإنسانية (Future of Humanity Institute).

كما أن المفاضلات عبر الأعمدة حساسة جدًّا تجاه المنظورات الكونية (worldviews) وأحكام القيمة (value judgements). يختلف الناس حول ما يهم بالنسبة للعافية، وكيف نقيم الناس في المستقبل، وكيف نقيم غير البشريين. على سبيل المثال، يؤمن بعض الناس أن النمو الاقتصادي العام ليس أمرًا جيدًا على الإطلاق، وذلك بسبب آثار جانبية غير مقصودة (مثل تغير المناخ، أو الاختراع المتسارع لتكنولوجيات جديدة خطيرة). (هذه الأداة ترشدك عبر بعض أهم أحكام القيمة).

يعكس نموذج التقييم أعلاه أحكامنا التقديرية المعتَبَرة بشأن كيفية المفاضلة بين المقاييس المختلفة. لم نفسر طريقة استدلالنا بالكامل؛ لأنه يصعب توضيحها. اقرأ المزيد عن كيفية اختيار مقياس ما وأيضا عن الاعتبارات الضرورية والعمل الخيري الحكيم بقلم نيك بوستروم. (للأسف، فإن هذه المقالة واختيارنا للمقاييس لا يتوافقان تمامًا مع أحدث أفكارنا، على الرغم من أن الأفكار والاتجاهات العامة لا تزال صحيحة).

إذا كانت المشكلة مفيدة في عدة أعمدة، ركز على العمود الذي يكون للمشكلة فيه التأثير الأكبر. وبما أن كل صف يعادل عاملًا من العشرة، فإن الصفوف العليا ستهيمن على التقييم العام للمقياس.


كيفية تقييم مدى إهمال مشكلة ما

تعريف

كم عدد الناس، أو الدولارات، المخصصة في الوقت الحالي لحل المشكلة؟

لِمَ يهم ذلك؟

بعد تخصيص قدر كبير من الموارد لمشكلة ما، سوف تصل إلى عوائد متناقصة [قانون تناقص الغلة في الاقتصاد]. وذلك لأن الناس يغتنمون أفضل الفرص لإحداث الأثر أولًا، لذا فإنه كلما استُثمرت المزيد والمزيد من الموارد، يصبح إحداث الفرق أصعب وأصعب، وبالتالي كثيرًا ما يكون من الأفضل التركيز على المشكلات التي أهملها الآخرون.

على سبيل المثال، يُعَدُّ التطعيم الجماعي للأطفال تدخلًا فعالًا للغاية لتحسين الصحة العالمية، ولكن الحكومات والعديد من المؤسسات الكبرى، بما في ذلك مؤسسة جيتس (Gates Foundation)، تعمل بالفعل عليه بقوة. وهذا يقلل من احتمالية أن تكون الفرصة الأفضل للمتبرعين المستقبليين.

من المفيد أيضا استكشاف المشكلات الجديدة لأن هذا يساعدنا في معرفة أي المشكلات هي بالفعل الأكثر ضرورةً. بمعنى أن لتجربة الأشياء الجديدة «قيمة معلوماتية» إضافية. إذا لم يسبق لأحد العمل على حل مشكلة ما من قبل، فمن الوارد جدًّا أن نجد أن قابلية حلها أكبر مما نعتقد في الوقت الحالي.

توجد بعض الآليات التي يمكن من خلالها أن تجد ميادين المشكلات عوائد متزايدة بدلًا من العوائد المتناقصة. ومع ذلك، نعتقد أن ثمة براهين نظرية وتجريبية جيدة تفيد بأن العوائد المتناقصة هي القاعدة، وأن العوائد في الغالب تتضاءل لوغاريتميًّا. قد تستمر العوائد المتزايدة على نطاقات ضيقة جدًّا في ميادين المشكلات، بالرغم من أننا لسنا متأكدين من ذلك حتى نظرًا لقيمة الفوائد المعلوماتية المذكورة أعلاه. (تنتشر العوائد المتزايدة على الأرجح في المنظمات وليس في ميادين المشكلات).

لاحظ أيضًا أن مدى الإهمال ليس سوى مؤشر جيد إذا ما كان المجال مهملًا لأسباب سيئة من قبل الجهات الفاعلة الأخرى. ومع ذلك، فإننا نرى أن آليات المجتمع لعمل الخير هي أبعد ما تكون عن الكفاءة، لذا ففي حال عدم وجود أي عوامل أخرى، يكون مدى الإهمال علامة جيدة.

إحدى الطرق الهامة بوجه خاص التي من شأنها أن تؤدي إلى إهمال مشكلة لأسباب سيئة هي ببساطة ألا يعطي الآخرون لها تقديرًا كافيًا. وتزعم هذه المقالة أنك إذا كنت تهتم بشئ ما أكثر بما يعادل (س) ضعف مقارنة بالإنسان العادي، فتوقع أن يكون في إمكانك أن تملك أثرًا مضاعفًا يفوقه (س) مرات في ذلك المجال (بحسب منظورك). على سبيل المثال، نعتقد أن المجتمع يستخف بمصالح الأجيال المستقبلية على نحو هائل، لذا فمن خلال العمل على القضايا التي تدعم الأجيال المستقبلية، بإمكاننا تحقيق أثر أوسع نطاقًا بكثير.


كيف نقيِّم مدى الإهمال؟

درجة الازدحام

ما الإنفاق السنوي المباشر على المشكلة؟

ما عدد الموظفين بدوام كامل الذين يعملون على حل المشكلة؟

ما عدد الداعمين النشطين للعمل على المشكلة؟

12

100 ألف دولار أو أقل

1 أو أقل

1,000 أو أقل

10

1 مليون دولار

10

10,000

8

10 مليون دولار

100

100,000

6

100 مليون دولار

1000

1 مليون

4

1 مليار دولار

10,000

10 مليون

2

10مليار دولار

100,000

100 مليون

0

100 مليار دولار

مليون

1 مليار (أي الجميع)

تحدٍّ - الجهد المباشر مقابل الجهد غير المباشر والمستقبلي

كثيرًا ما تُوجه الموارد لحل المشكلات من قبل مجموعات قد تكون ذاتية المصلحة، أو تعمل على مشكلات مجاورة. نشير إلى ذلك «بالجهد غير المباشر»، الذي يقابله «الجهد المباشر» للمجموعات التي تعمد إلى التركيز على المشكلة. هذه الجهود غير المباشرة يمكنها أن تكون هامة. على سبيل المثال، لا يُنفق الكثير من المال على الأبحاث التي تهدف إلى الوقاية من أسباب الشيخوخة بطريقة مباشرة، ولكن أجزاء كبيرة من الأبحاث الطبية الحيوية تساهم في ذلك من خلال الإجابة على أسئلة ذات صلة أو تطوير أساليب أفضل. وبينما أن هذا العمل قد لا يستهدف بكفاءة الحد من الشيخوخة على وجه التحديد، إلا أن الأبحاث الطبية الحيوية تتلقى الكثير من التمويل بوجه عام مقارنة بأبحاث مكافحة الشيخوخة على وجه التحديد. ربما يرجع معظم التقدم المحرز في الوقاية من الشيخوخة إلى هذه الجهود غير المباشرة.

إن الجهود غير المباشرة صعبة في القياس، وأكثر صعوبة في تكييفها لمعرفة مدى فائدتها في حل المشكلة المطروحة.

لهذا السبب عادةً ما نسجل فقط «الجهد المباشر» بشأن مشكلة ما. ألن تكون هذه مشكلة، لأننا سنقلل من الجهد الكلي؟ لا، لأننا سنعدِّل ذلك في العامل التالي: القابلية للحل. إن المشكلات التي يحدث فيها معظم الجهد الفعال بصورة غير مباشرة لن تُعالج بنفس السرعة من خلال زيادة كبيرة في «الجهد المباشر».

يمكن للمرء أيضًا استخدام مقياس موجَّه ومرجَّح للجهد، طالما طُبِّق على نحو مُتَّسق في تقييم كل من مدى الإهمال والقابلية للحل، فلا بد أن يؤدي إلى نفس الإجابة تقريبًا.

ثمة تحدٍّ آخر وهو كيفية الأخذ في الحسبان أن بعض المشكلات قد تلقى جهدًا مستقبليًّا أكثر بكثير من غيرها. ليست لدينا طريقة عامة لحل ذلك، باستثناء (1) أنه سبب لعدم إعطاء درجات إهمال منخفضة للغاية لأي مجال، (2) يمكن للمرء أن يحاول النظر في التوجيه المستقبلي للموارد بدلًا من الاكتفاء بالموارد الموجهة الآن.

المزيد من النصائح حول كيفية التقييم

بدلًا من محاولة تقييم مدى الإهمال مباشرةً، يمكنك أيضًا التفكير في القواعد الأساسية مثل ما يلي. تساعدك هذه القواعد على معرفة مدى إهمالها وما إذا كانت تُهمَل لأسباب سيئة.

  • هل يوجد أي سبب لتوقع عدم حل هذه المشكلة من خلال: (1) الأسواق، (2) الحكومة، (3) الأفراد الآخرين الذين يتطلعون إلى إحداث أثر مجتمعي؟
  • في أرِوقة الأبحاث، هل هذا المجال جديد، أو يقع عند تقاطع تخصصين؟ من المرجح أن تُهمَل هذه المجالات من قبل الأوساط الأكاديمية. (اقرأ المزيد حول اختيار موضوعٍ للبحث.)
  • إذا لم تعمل على حل المشكلة، فما مدى احتمالية أن يعمل شخص آخر عليها بدلًا منك؟
  • إذا عملت على هذه المشكلة، هل ستتعلم المزيد عن مدى ضرورتها مقارنة بالمشكلات الأخرى؟

إن التفكير بتمعن في هذه الأسئلة من شأنه زيادة ثقتك بأنك لم تفوت أي شئ في تقديرك.

لاحظ أنه من المهم تقدير النطاق ومدى الإهمال معًا. ففي النهاية نحن نهتم بنسبة الاثنين، لذا عليك التأكد من أنك تقيِّم نفس المشكلة في كلتا الحالتين. إذا استخدمت تعريفًا مختلفًا للمشكلة في كل حالة، فهذا سيشتت نتائجك.

إذا خُصِّصت عدة أنواع مختلفة من المدخلات تجاه مشكلة ما، فاستخدم العمود ذا الدرجات الأقل. سيكون هذا هو المكان الذي توجد به معظم الموارد الإجمالية. على سبيل المثال: إذا اسُتثمرت 10 مليارات دولار سنويًّا في مشكلة ما ويعمل عليها 1,000 شخص بدوام كامل، إذن فإن المال هو المهيمن، وبالتالي فإن النتيجة تكون 4، وليس 8.

وأخيرًا، نحن نتردد في إعطاء درجات عالية جدًا للإهمال. فحتى المشكلات الغامضة عادة ما تجذب انتباه مجموعة ما في العالم، ولكننا ببساطة قد لا نعرف عنها شيئًا. لذلك، فإننا ما لم نقم بإجراء بحث شامل يظهر خلاف ذلك، سوف نفترض أن 1 مليون دولار على الأقل تُوجَّه نحو المشكلة.


كيفية تقييم مدى قابلية مشكلة ما للحل

التعريف

إذا ضاعفنا الجهد المباشر لحل هذه المشكلة، ما هي النسبة التي نتوقع حلها من المتبقي من المشكلة؟

لِمَ يهم ذلك؟

حتى ولو كانت المشكلة مهمة للغاية ومهملة للغاية، فهذا لا يعني أنها قضية هامة تستحق التركيز عليها. فمن الممكن ببساطة ألا يوجد لدينا الكثير لفعله حيالها.

على سبيل المثال، الشيخوخة مشكلة واسعة النطاق للغاية: إذ أن ما يقارب ثلثي اعتلال الصحة في العالم هو نتاج الشيخوخة بشكل ما. وهي أيضًا مهملة للغاية: فلا يوجد إلا عدد ضئيل من مراكز البحوث التي تركز على السعي للوقاية من أسباب الشيخوخة الجسدية (بدلًا من علاج أعراضها، كالسرطان، والسكتة الدماغية، ومرض الزهايمر، وما إلى ذلك). ومع ذلك، فإن أحد أسباب إهمالها هو أن العديد من العلماء يعتقدون أن حلها صعب للغاية، وهو سبب رئيس لعدم العمل على حل المشكلة في الوقت الحالي (على الرغم من أن مزاياها الأخرى قد تكون كافية لتعويض هذا الجانب السلبي).

كيف نقيِّم القابلية للحل؟

نستخدم هذا النموذج التقييمي:

مجموع نقاط القابلية للحل

من المتوقع أن تؤدي مضاعفة الجهد المباشر الموصوف في «مدى الإهمال» إلى حل هذا القدر من المشكلة (المعرَّفة في النطاق):

8

100%

6

10%

4

1%

2

0.1%

0

0.01%


تتضمن بعض القواعد الأساسية التي نأخذها في الحسبان ما يلي:

  • هل توجد تدخلات منخفضة التكلفة لإحراز تقدم في هذه المشكلة مع وجود أدلة قوية تدعمها؟ (يفضل أن تكون على أعلى درجات الحجية).
  • هل توجد تدخلات واعدة ولكنها غير مثبتة يمكن اختبارها بتكلفة بسيطة؟
  • هل توجد حجج نظرية مفادها أن التقدم سيكون ممكنًا، كوجود سجل جيد للأداء في مجال ذي صلة؟ (على سبيل المثال: لا يمكننا إثبات أن الأبحاث الطبية ستكون فعالة مسبقا، ولكن لهذا المجال سجلٌّ قوي من حيث الأداء، وتشير التقديرات التقريبية إلى أنها ستكون فعالة للغاية).
  • هل توجد تدخلات يمكنها تقديم مساهمة كبيرة لحل المشكلة، حتى ولو كان من غير المرجح نجاحها؟

بشكل عام، نحن نتطلع إلى إيجاد أفضل التدخلات لإحراز تقدم بشأن المشكلة، ثم نقيمها بناءً على (1) التقدم المحتمل، (2) مدى احتمالية إحراز تقدم. نأخذ في الاعتبار جميع أشكال الأدلة، بدءًا من بيانات التجارب الدقيقة والحجج التخمينية. نحن نتبع نهجًا بايزيًّا لتقييم كلٍّ من العاملَيْن - نفترض مسبقًا أن التدخل ليس فعالًا للغاية، ثم نقوم بالتحديث على ذلك اعتمادا على قوة الأدلة (انظر إلى المثال). اقرأ المزيد عن إجراء هذه الأنواع من التقديرات.

التحديات التي تواجه التقييم

عادة ما يكون هذا هو أصعب العوامل الثلاثة في التقييم لأنه يتطلب توقع المستقبل، بدلًا من مجرد قياس الأشياء الموجودة بالفعل.

في بعض الحالات، يمكنك تقييم القابلية للحل بناء على مدى انخفاض تكلفة الطرق الحالية في مجال ما. على سبيل المثال، لدينا فكرة عن عدد الأرواح التي يمكن إنقاذها من خلال زيادة الإنفاق على تدخلات الصحة العالمية بناء على الخبرات السابقة في مواجهة فيروس نقص المناعة البشرية، والملاريا، والسل، وما إلى ذلك.

في حالات أخرى - عندما يتطلب حل المشكلة طرقًا مبتكرة - تُعيَّن الدرجات عادةً بناء على أحكام تخمينية، تُبنى عادةً على استطلاع آراء الخبراء.

بعض أساليب حل المشكلات تكون تدريجية (على سبيل المثال: توزيع الناموسيات للحد من التعرض للبعوض الحامل للملاريا)؛ ويقدم البعض الآخر بعض الفرص لحل جزء كبير من المشكلة دفعة واحدة (على سبيل المثال: اختراع لقاح جديد للملاريا). لتعيين الدرجات، نستخدم نهج «القيمة المتوقعة». وهذا يعني أن فرصة حل المشكلة بأكملها بنسبة 10% تكون درجتها هي نفس درجة مشروع سيؤدي على نحو مؤكد إلى تقليصها بنسبة 10%. (بينما أن «تجنب المخاطر» بخصوص النتائج المختلفة يعني أنهما لا يحملان القيمة نفسها، إلا أنه تقدير تقريبي جيد.)

كما ناقشنا أعلاه في موضوع مدى الإهمال، فإن المشكلات التي يكون معظم العمل عليها غير مباشر (على سبيل المثال: من خلال عمل المؤسسات الربحية على مشكلات ذات صلة) ستُعالَج بوتيرة أبطأ في حالة زيادة العمل «المباشر». وذلك لأن العديد من الطرق الواعدة ستكون قد جرت تجربتها بالفعل من قبل مجموعات أخرى.

ماذا تعني الدرجات المجمعة؟

للتأكد من سلامة النتائج، يمكننا جمع هذه الدرجات وتحويلها مرة أخرى إلى مقياس للأثر الفعلي الذي يحدثه شخص إضافي يعمل على حل مشكلة ما:

إذا كانت درجة المشكلة:

إضافة شخص للعمل على المشكلة…

إضافة شخص للعمل على المشكلة…

28

تنقذ 1 مليون *QALYs في العام

تنقص من الخطر الوجودي إلى 0.001%

24

تنقذ 10 آلاف QALYs في العام

تنقص من الخطر الوجودي إلى 0.00001%

20

تنقذ 100 QALYs في العام (حياتين)

تنقص من الخطر الوجودي إلى 0.0000001%

* مقياس QLAY: عدد السنوات المصححة بجودة الحياة، وهو مقياس عبئ المرض، متضمنًا جودة وكمية الحياة المعاشة.

ورغم ذلك، فإن هذه الأرقام تقريبية إلى حد بعيد، لذا لا ننصح بالاعتماد على حجيتها على وجه الخصوص. بدلًا من ذلك، نفضل استخدام الدرجات لإجراء مقارنات نسبية بدلًا من وضع تقديرات قاطعة.

كيفية تقييم الملاءمة الشخصية

على الرغم من أن الملاءمة الشخصية لا تُقيَّم في ملفات تعريف المشكلات لدينا، إلا أنها مرتبطة بقراراتك الشخصية. إذا دخلت مجالًا تجده مثبطًا للهمة تمامًا، حينها لن يكون لديك أي أثر تقريبًا. داخل المجال، يُحدث أصحاب الأداء الأفضل أثرًا أكبر بمقدار 10 إلى 100 مرة من القيمة الوسيطة.

إذا كنت تعقد مقارنات بين مشكلات مختلفة، فيمكنك استخدام هذه الدرجات الإضافية لإعطاء المزيد من النقاط للمشكلات التي تلائمك مواجهتها تمامًا.

التعريف

بالنظر إلى مهاراتك، ومواردك، ومعرفتك، وعلاقاتك، وشغفك، ما مدى احتمالية أن تتميز في هذا المجال؟

كيف نقيِّم الملاءمة الشخصية؟

  • ما هو رأس المال المهني الأكثر قيمة لديك؟ هل يرتبط على نحو خاص بمشكلة معينة دون غيرها؟
  • ما مدى الدافعية والحماسة التي تتوقعها إذا عملت على حل هذه المشكلة؟
  • ما هي الأدوار المحددة التي يمكنك القيام بها في هذه المشكلة، وهل تتوقع أنك ستتميز فيها؟

إليك نصيحتنا التمهيدية حول كيفية تقييم الملاءمة الشخصية، وبعض الأسئلة الإضافية لوضع التنبؤات.

إليك نموذج تقييم يمكنك استخدامه:

درجات الملاءمة الشخصية

ما مدى توافق مهاراتك مع هذا المجال؟

4

أنت مناسب بدرجة استثنائية لهذا المجال. لديك دافع كبير ويمكنك أن تكون رائدًا فيه على مستوى العالم.

2

أنت مناسب بدرجة معقولة لهذا المجال. متحمس نسبيًّا ولديك مهارات ذات صلة.

0

أنت غير مناسب لهذا المجال؛ لأنه لا يمكن تحفيزك للعمل عليه وليست لديك مهارات ذات صلة.


لاحظ أن أهمية الملاءمة الشخصية تعتمد على الطريقة التي تنوي المساهمة بها. فرائد الأعمال أو الباحث العظيم يتمتع بأثر أكبر بكثير من الأثر العادي، لذا فإن كنت تنوي المساهمة بأي من هاتين الطريقتين، ستزداد أهمية الملاءمة الشخصية. في المقابل، إذا كنت تكسب من أجل العطاء، ستقل أهمية الملاءمة الشخصية لأنك تتبرع بالأموال وليس بمهاراتك الفريدة. لذا، لتقييم الملاءمة الشخصية بمزيد من التفصيل، يمكنك تقدير نسبتك المئوية في هذا المجال، ثم ضربها بعامل يتحدد بحسب تباين الأداء في هذا المجال.

ضع في حسبانك أنه من السهل أن تقلل من شأن قدرتك على أن تكون ضليعًا وشغوفًا بمشكلة جديدة. فنحن نتحيز للاستمرار فيما كنا نعمل فيه من قبل - «مغالطة التكلفة الغارقة» - ونحن نقلل من شأن قدرة تفضيلاتنا وشغفنا على إحداث تغيير.

وأخيرًا، تذكر أنه من الممكن مواجهة مشكلة واحدة بطرق متعددة. إذا كنت ترغب في العمل في مجال الصحة العالمية، فيمكنك العمل على الأرض في العالم النامي، وأن تجري أبحاثًا في الطب الحيوي، وأن تعمل في السياسة والعديد من الخيارات الأخرى إلى جانب ذلك. فإذا لم يكن أحدها ملائمًا لك جيِّدًا، فلعل الآخر يكون كذلك.


عوامل أخرى لمقارنة الفرص المهنية

للتوصل إلى وجهة نظر مدروسة حول ما إذا كنت تريد أن تقبل بوظيفة، فعليك أيضًا أن تراعي العوامل الأخرى في إطارنا المهني، مثل:

  1. مدى تأثير المنصب الذي يمكنك الحصول عليه.
  2. مقدار رأس المال المهني الذي يمكنك الحصول عليه.
  3. قيمة المعلومات للعمل على هذا الخيار.

في هذه المقالة، نغطي المقارنات بين مجالات المشكلات فحسب، ولكن هذا ليس كل ما يهم.


كيف ينبغي أن نفسر النتائج؟

إذا كنت قد استخدمت نموذج التقييم أعلاه، فيمكنك جمع الدرجات معًا للحصول على إجابة تقريبية عن المشكلة التي سيكون العمل عليها أكثر فعالية.2 ضع في اعتبارك أن هذه الدرجات غير دقيقة، وأن جمعها يزيد من عدم اليقين على نحو أكبر، لأننا فقط نقيس كل واحدة على نحو غير دقيق. لذلك فعليك أن تنظر إلى مجموع نتيجتك النهائية بشيءٍ من الشك - أو بالأحرى الكثير من الشك.

في غضون 80,000 ساعة، إذا كان الفارق في الدرجة بين مشكلتين هو 4 أو أكثر، يصبح لدينا مستوىً معقول من الثقة في أنها مشكلة أكثر فعالية للعمل عليها. إذا كان الفارق 3 أو أقل، فإن المشكلة بالكاد تكون أكثر فعالية.

تشير الدرجات التي نحصل عليها إلى أن بعض المشكلات تكون أكثر فعالية في العمل عليها بمقدار 10,000 مرة عن غيرها. ومع ذلك، فإننا لا نعتقد بأن الاختلافات في الحقيقة كبيرة لهذا الحد. السبب الأول، هو أنه يجب التخفيف من درجاتنا من خلال الأحكام المعقولة عن العالم. إذا ما بدت نتيجة مشكلة ما كبيرة كثيرًا، حينها يمكن أن يعني ذلك أننا قد ارتكبنا خطأً ولا نعي ذلك. والثاني، هو أن المستقبل يصعب التنبؤ به جدًّا، فالعمل على مشكلات لا تبدو ملحة يمكن أن يتبين أنه مفيد جدًا بشكل لم نتنبأ به. وهذا يضع حدًا لمدى إلحاح مشكلة ما أكثر من أخرى.

تناقش هذه المقالة بعض الأسباب الأخرى للتواضع بشأن ما يمكن أن تظهره لنا مثل هذه الأبحاث في تحديد الأولويات.

للمزيد من النصائح حول اتخاذ القرارات الصعبة، قم بإلقاء نظرة على قائمتنا المرجعية.

كيف يُقارَن هذا النهج بتحليل فعالية التكلفة المعتاد؟

ما نريد معرفته هو التالي: «إذا أضفت وحدة إضافية من الموارد في سبيل حل هذه المشكلة، فما مقدار الخير الذي يُحقق؟» النهج أعلاه ينظر إلى المشكلة من وجهة نظر شاملة، ويحاول تقييم مدى أهمية تخصيص المزيد من الموارد لحلها.

النهج البديل يتمثل في النظر إلى مدى انخفاض تكلفة التدخلات السابقة لمواجهة المشكلات المختلفة، ومقارنتها مباشرةً الواحدة بالأخرى. على سبيل المثال، يمكنك أن تطلع على الدراسات عن الأساليب المختلفة التي نعرفها للنهوض بالتعليم والصحة، ثم حساب أي منها من شأنه أن يساعد الناس بدرجة أكبر عند الحصول على تمويل إضافي قدره مليون دولار. إذا كان هذا النوع من بيانات انخفاض التكلفة متاحًا، وكان لديك بالفعل مقياس مشترك للنتائج، فهذا نهج معقول. على سبيل المثال، في اقتصاديات الصحة، غالبًا ما يحسب الناس «عدد السنوات المصححة بجودة الحياة لكل دولار» للتدخلات المختلفة.

إذا كنت تقارن بين مشكلتين تستخدمان مقاييس مختلفة، لا زال بإمكانك مقارنتهما طالما أن لديك عامل للتحويل، بالرغم من أن المقارنات تصبح أقل تأكيدًا. على سبيل المثال، يمكنك مقارنة التدخلات الصحية بتدخلات تغير المناخ من خلال تحديد المعدل الذي ستستبدل به سنة واحدة مصححة بجودة الحياة لكل دولار مقابل 1 طن من ثاني أكيد الكربون الذي لم ينبعث. يظهر نموذج التقييم في قسم المقياس أعلاه كيفية تداول بعض المقاييس في مقابل الأخرى تقريبيًّا.

أو بدلًا من ذلك يمكنك محاولة تحويل كل المنافع إلى قيم دولارية، وأن تجري «تحليلًا لفعالية التكلفة». يتم التعبير عن ذلك كنسبة من التكاليف إلى الفوائد، كل منهما بالدولار.

السبب الوحيد لعدم اتباع هذا النهج هو أنه صعب للغاية في كثير من الحالات:

  1. المناصرة السياسية، عندما تكون الظروف التي تعمل فيها متغيرة على نحو مستمر.
  2. الأبحاث الأصلية، حيث لا يعرف أحد كم الوقت الذي سيستغرقه تحقيق كشف جديد.
  3. أي مجال لا نعرف فيه أي تدخلات، أو أن تلك التي نعرفها لم تُدرس جيدًا.

ولهذا السبب أنشأنا الإطار البديل أعلاه والذي يمكن تطبيقه تقريبًا على أي مشكلة.

مزايا وعيوب ترتيب أولويات المشاكل كميًّا

توجد العديد من الفوائد لمتابعة العملية المذكورة أعلاه:

  • يمكن لتحديد النتائج كميًّا بوضوح أن يمكِّنك من ملاحظة اختلافات كبيرة وقوية في الفعالية قد يصعب ملاحظتها نوعيًّا، ويساعدك على تلافي إهمال النطاق.
  • يعد خوض عملية وضع تلك التقديرات طريقة رائعة لاختبار فهمك للمشكلة، إذ أنها تجبرك على أن تكون واضحًا بشأن افتراضاتك وكيفية اتساقها معًا.
  • يمكن أن يساعد التحليل الواضح الآخرين على فهم وانتقاد استدلالك، مما يساعدك أيضًا على فهم المشكلة ومدى ضرورتها.

ولكن ثمة جانب سلبي كبير علينا أخذه في الحسبان:

  • عمليًّا، تتضمن هذه الأنواع من التقديرات مستويات عالية جدًّا من عدم اليقين. هذا يعني أن نتائجها غير قوية: فالافتراضات المختلفة قد تغير كثيرًا من الاستنتاج الذي حصلنا عليه من التحليل. ونتاج ذلك هو أن ثمة خطر من أن يحدث تضليل بنموذج غير مكتمل، في حين أنه من الأفضل اتباع تحليل نوعي أوسع، أو المنطق السليم البسيط.

لهذا السبب لا نعتمد ببساطة على نتائج درجاتنا. وإنما نأخذ في الاعتبار أشكالًا أخرى من الأدلة في ملفاتنا لتعريف المشكلات لإجراء تقييم شامل.

للمزيد حول هذا الموضوع، راجع مناقشة مؤسسة GiveWell عن نقاط ضعف «التفكير التسلسلي» (الذي يتوافق مع نهج يعتمد بدرجة كبيرة على تحليل فعالية التكلفة) مقارنة «بالتفكير العنقودي». يمكنك أيضًا الاطلاع على مناقشة حول إيجابيات وسلبيات القياس الكمي.

كيف نأخذ عامل التنسيق في الحسبان؟

يمكن للفرد التركيز فقط على مجال واحد أو مجالين في المرة الواحدة، أما في حالة مجموعة كبيرة من الناس يعملون معًا، فمن الأرجح أن عليهم العمل على عدة مجالات.

عندما يحدث ذلك، توجد عوامل إضافية يجب مراعاتها عندما نختار مجال المشكلة. فبدلًا من تحديد القضية الأكثر ضرورةً في المستقبل، فإن الهدف هو العمل على:

  1. الإسناد الأمثل للأشخاص إلى القضايا، والتوجه الذي ينبغي أن يتحرك فيه هذا الإسناد.
  2. أين تكمن أفضليتك مقارنة بالآخرين في المجموعة.

نسمي هذا «مقاربة المحافظ» (Portfolio Approach). اقرأ المزيد.

يمكن أن تؤثر مراعاة عوامل التنسيق بطرق أخرى على تحديد ترتيب أولوية المشكلات. على سبيل المثال، قد يكون من المفيد بذل المزيد من الجهد في مجال ما أكثر مما يبدو للوهلة الأولى من أجل التوصل لتسوية مع الأشخاص الآخرين الذين تنسق معهم أو القيام بمبادلات أخلاقية معهم. اقرأ المزيد.

خاتمة

وضحنا كيفية مقارنة المشكلات المختلفة في كل عنصر من عناصر إطار التفكير الذي حددناه - النطاق، ومدى الإهمال، والقابلية للحل، والملاءمة الشخصية.

وفي حين يصعب قياس الفعالية بدقة، فإن الاختلافات التي نرصدها بين المشكلات غالبًا ما تكون كبيرة جدًّا. ويشير هذا إلى أنه حتى القياسات غير الدقيقة يمكن أن تكون مرشدًا مفيدًا، مقارنة بالاعتماد على الحدس لوحده.

قراءات إضافية

-

رابط المقالة المترجمة


الهوامش

1. بيانات من دراسة العبئ العالمي للمرض (Global Burden of Disease).

http://vizhub.healthdata.org/gbd-compare/

2. تتضاعف العوامل الثلاثة معًا، أي أن عشرة أضعاف المقياس يعني أن المشكلة أكثر ضرورةً بحوالي عشرة أضعاف. ومع ذلك، يستخدم نموذج التقييم مقياسًا لوغاريتميًّا، لذا تحتاج إلى إضافة الدرجات. [لأن لو(س ص ع) = لو(س) + لو(ص) + لو(ع)]

التعليقات