500 مليون حياة فُقدت، ولا مجال لفقدان المزيد

كتابة: Jai - نُشرت بتاريخ 25 مايو 2020

ترجمة: إيمان وجيه - بتاريخ 30.12.2023


ملاحظة من كاتب المقالة: عُدِّل هذا النص مرتين في عام 2023 من أجل الدقة التاريخية. طالع التعليقات هنا لمزيد من التفاصيل.

لن نعرف أسماءهم أبدًا.

لم يكن من الممكن معرفة الضحية الأولى، حيث لم تكن اللغة المكتوبة قد ظهرت بعد لتوثيقها. لقد كانوا ابنة أو ابن شخص ما، صديق لشخص ما، وأحبهم من عاشرهم. وكانوا يتألمون، والطفح الجلدي غطى أجسادهم، لقد كانوا مرتبكين وخائفين، ولا يعلمون سبب حدوث هذا لهم أو ما يُمكن فعلُه للتغُّلب على الأمر - ضحايا إله* مجنون، وغير إنساني. لم يكن هناك ما يمكن القيام به – لم تكن الإنسانية قوية، أو واعية، أو حتَّى على دراية بما فيه الكفاية لمقاومة وحش لا يمكن رؤيته.

في مصر القديمة، هاجم هذا الوحش العبيد والفراعنة على حدٍ سواء. وفي روما، دمر الجيوش بكل سهولة. كما قتل الناس في سوريا، وفي موسكو. وفي الهند، قتل خمسة ملايين شخص. وقتل الآلاف من الناس في أوروبا كل يوم في القرن الثامن عشر. قتل أكثر من 10 ملايين من سكان أمريكا الأصليين. فمن الحرب البيلوبونيسية وحتى الحرب الأهلية، قتل الجنود والمدنيين أكثر من أيِّ سلاح موجود، أكثر من أيِّ جندي، وأيِّ جيش. (ولم يمنع هذا الأشخاص الحمقى عديمي الرحمة من محاولة تسخير هذا الشيطان كسلاح ضد أعدائهم).

وبينما نمت ثقافات واندثرت، بقي كما هو. وصعدت الامبراطوريات وسقطت، بينما هو ازدهر. تعاظمت الايدلوجيات وتراجعت، ولكنه لم يهتم. استمر في القتل والتشويه والانتشار. إله عتيق ومجنون، مختبئ عن الأنظار، لا يمكن محاربته، ولا يمكن مواجهته، ولا يمكن حتى فهم ماهيته. ليس الأول من نوعه، ولكنه الأكثر فتكًا.

لوقت طويل، لم يكن هناك أمل - فقط قدرة الناجين على التحمل المرير.

في القرن الخامس عشر في الصين، بدأت البشرية في المقاومة.

لوحظ أن الناجين من لعنة الإله المجنون لا يمكن لمسهم مرة أخرى: استمدوا جزءًا من قوته في أنفسهم، واكتسبوا حصانة منه. ليس هذا فقط، بل يمكن مشاركة هذه القوة عن طريق تناول بقايا الجروح. كان هناك ثمن يجب دفعه، لأنه لا يمكنك الاستيلاء على قوة الإله دون هزيمته أولًا - ولكن على صعيد معركة أصغر، بشروط البشر.

بحلول القرن السادس عشر، انتشرت هذه التقنية في الهند، ثم وصلت إلى آسيا والإمبراطورية العثمانية، ووصلت أوروبا في القرن الثامن عشر. وفي عام 1,796م، اكتشف إدوارد جينر (Edward Jenner) تقنية أقوى.

بدأت الفكرة تترسخ: ربما يمكن قتل الإله العتيق.

أصبح الهمس صوتًا؛ والصوت أصبح نداءً؛ والنداء أصبح صرخة حرب، تجتاح القرى والمدن والأمم. بدأت البشرية تتعاون، وتنشر القوة الوقائية في جميع أنحاء العالم، وأُرسل أسياد اللعبة لحماية السكان بأكملهم. تناسى الأعداء القدامى خلافاتهم ووقفوا صفًّا واحدًا في تلك المعركة. كلفت الحكومات جميع المواطنين بحماية أنفسهم، فخسارة حياة واحدة أمام العدو القديم يضع الملايين في خطر.

وبالتدريج، تمكنت البشرية من دفع عدوها بعيدًا. عدد أقل من الأصدقاء بكوا؛ عدد أقل من الجيران أُصيبوا بالشلل؛ آباء أقل دفنوا أطفالهم.

في فجر القرن العشرين، ولأول مرة، طردت البشرية عدوها من أقاليم كاملة من العالم. تراجعت البشرية كثيرًا في جهودها، لكن كان هناك أفراد لم يستسلموا أبدًا، وقاتلوا من أجل حلمهم بعالم لا يخشى فيه أي طفل أو حبيب شيطانًا مجدَّدًا. لقد كان فيكتور جدانوف (Viktor Zhdanov) هو من دعا البشرية إلى التكاتل في حربها الأخيرة ضد الشيطان؛ والقائد العظيم، كاريل راسكا (Karel Raška) الذي صمم استراتيجية لإبادة العدو؛ ودونالد هندرسون (Donald Henderson)، هو من قاد الجهود في تلك الأيام الأخيرة.

أصبح العدو أضعف. ضحاياه الذين كانوا بالملايين أصبحوا بالآلاف. والآلاف أصبحت عشرات. عندما ضرب العدو، خرج العشرات من البشر لتحديه، وحماية كل من قد يعرضهم للخطر.

كان آخر هجوم للعدو في البرية على علي ماو مالين في عام 1977. ولعدة أشهر بعد ذلك، اجتاح البشر المتفانون المنطقة المحيطة بحثًا عن أي مخبئ يائس أخير قد يختبئ فيه.

ولكنهم لم يجدوا أيًّا منها.

منذ خمس وثلاثين عامًا مضت، وتحديدًا في التاسع من ديسمبر عام 1979، أعلنت البشرية انتصارها.

هذا الكيان الشرير والمرعب من عصور ما قبل التاريخ، الوحش الذي أودى بحياة 500 مليون شخص، دُمِّر تمامًا.

أنت جزء من الجنس الذي حقق هذا النصر. لا تنس أبدًا ما يمكننا تحقيقه عندما نتحد سويًّا ونعلن الحرب على ما نراه من شرور في العالم.

يومٌ عالميٌّ سعيد للقضاء على الجدري.


رابط المقالة المترجمة


*ذُكر لفظ «الإله» مرارًا في هذه المقالة، حيث يعود كوصفٍ لمرض الجدري. قد يتحسس البعض من مثل هذه التعبيرات، إلّا أنّ المقالة تُرجمت تمامًا كما الأصل، والغرض إيصال الفكرة الأصلية بغض النظر عن الأسلوب في التعبير. [فريق الترجمة]

التعليقات